الخميس، 23 ديسمبر 2010

لقاء مع ميت

لقاء مع ميت
شعر مصطفى بضيق شديد فى صدره فقد تكاثرت عليه الهموم والمشاكل وألتف طوق الديون حول رقبته حتى كاد ان يخنقه وأحس أن الأرض ضاقت عليه بما رحبت ,  وعندها تذكر قول رسول الله (ص) : أذا ضاقت بكم الصدور فأذهبوا ألى القبور _ ولذلك قرر الذهاب ألى قبر والده ليزوره .
فتح مصطفى مدفن والده الموحش وقد أخذته رهبة شديده , ربما لأنه أول مره يأتى ألى هذا المكان الموحش بمفرده , أو ربما لجلال الموت وهيبته . . أو ربما لكلاهما معا. . المهم أنه شعر برعده ثسرى فى جسده .
وقف ينظر لقبر والده وربما تهدأ نفسه وتذهب عنه الرعده وقف يتلو الفاتحه فى خشوع  .
وعندما فرغ من تلاوتها عاد ينظر ألى قبر والده وسرح بخياله ليتذكر ذلك الأب الذى كان ذا هيبة ووقار والآن أين هو لقد أصبح تحت كومه من التراب أهذه هى الدنيا ؟
أجل هذه هى الدنيا نعيش فيها نتخبط فى الهموم والمشاكل وندور فى فلكلها كالثور المقيد فى ساقيه لا تعرف من أين أتينا ولا ألى أين نذهب ولا نشعر فيها بطعم لأى شئ . , ثم قال بصوت مسموع : دنيا حقيره .
(وستلمس حقارتها أكثر عندما تسكن القبر مثلى ). . .
آتاه هذا الصوت من خلفه فألتفت أليه سريعا وكاد أن يغشى عليه من هول المفاجأه , فقد كان أمامه يقف والده بشحمه ولحمه . . .
  - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
 مصطفى : أأأأببى ؟
الأب : نعم أبيك ياولدى .
أقترب منه والده وعلى شفتيه أبتسامة حنون وفى عينيه نظره تحمل حنان الدنيا .
أنتفض مصطفى جزعا وتراجع كالمصعوق ألى الوراء .
فقال والده فى هدوء : لا تجزع يا ولدى . . فأنا لن أؤذيك , فقد كنت حنونا رحيما بك وأنا فى الدنيا فكيف لاأكون وأنا الأن فى أمس الحاجه لتلك الرحمه .
بعث صوته الحنون الهدوء والسكينه فى نفس مصطفى , ثم قال لوالده : كيف حالك يا والدى ؟
الوالد : لم أكن أبدا بخير مثلما أنا الأن يا ولدى .
مصطفى : أمعقول أن تكون الحياه فى القبور أجمل من الدنيا .
الوالد : بلى يا ولدى المهم أن تكون قد تزودت من تلك الدنيا لآخرتك ,
ثم أليست هذه الدنيا التى كنت تشتكى منها الآن ؟وكنت تنعتها بالحقاره .
طأ طأ مصطفى رأسه . . .
فأردف الأب : وصدقنى يا ولدى ستشعر بحقارتها أكثر وأنت فى القبر , عندما يضعوك فى القبر ويغلقوا عليك الألواح وأنت تسمع قرع نعالهم وهم يولوا ويتركوك هرولة ألى الدنيا التى تجلس فى قبرك الأن تجنى حصاد ما قدمت يداك فيها وما أشدها من لحظات صعبه يا ولدى يهون معها كل شئ تتمنى أن تفدى نفسك بكل شئ حتى تنجو مما أنت فيه .
أرتعد مصطفى وهو يتخيل نفسه فى هذا الموقف .
ثم قال لوالده : وما ذا حدث لك ياأبى ,.
الوالد : لقد جاء الملكين وجدوا فى سؤالى ولقد كدت أن أهلك لولا أن تجلت رحمة ربى وغمرتنى ففخففت عنى ونجتنى من كربى , أتدرى كيف حدث ذلك يا ولدى ؟
مصطفى ( مأخوذا بما يسمع ) : كيف يا والدى .
لقد أتوا ملائكة العذاب يحملون أوزارى وكم كانت كثيره ,
وظننت أنى هالك لا محاله وأذا بملائكة الرحمه يأتون يحملون أعمالى الصالحه ومن أول وهله ظننت أنها ضئيله ولكنهم عندما وضعوها أمام سيئاتى فرجحت كافة حسناتى , أتدرى ياولدى بما رجحت ؟
مصطفى : بما يا والدى .
الأب : بأشياء نظنها بسيطه وهى عندالله عظيمه ,
      بأبتسامه فى وجه أخيك , بالعطف على يتيم , بكلمة حنان أحتويت بها والدتى عندما تقدمت بها السن , بطاعتى لوالديا , بصلاتى المفروضة على وقتها , بيوم أمهلت فيه معسر , بيوم زلت فيه الأذى عن الطريق , . . , . . . , . . .
وظل الأب يعدد الأشياء البسيطه التى نجته من كرب الآخره حتى وصل فى النهايه فقال : ثم جاءت كلمة لا أله ألا الله فحسمت الموضوع ورجحت موقفى لأنها وزنت ما بين السماوات والأرض فنجا والدك .
أرأيت يا ولدى رحمة ربك كم هى واسعه .
مصطفى : آه يا والدى . . تأخذنا الدنيا بدوامتها وتلهينا وهى لا تستحق .
الوالد : أصبر يا ولدى فأن كانت رحمة الله هكذا فى الآخره . . أليس بقادر أن يرحمك فى الدنيا التى هى أدنى وأحقر . . تأكد يا ولدى أن الله لن يتركك أبدا وسيفرج كربك بأذن الله فهو أرحم الراحمين .
والآن أتركك يا ولدى ولكن لى رجاء قبل أن أمضى لا تنسانى بالدعاء فلعله يصل ما قصرت فيه فأننى أتمنى لو كنت أستطيع العوده ألى الدنيا حتى لايخلو لسانى من ذكر الله لكى أرتقى لأتنعم برفقة الحبيب والنظر ألى وجه ربى الكريم أناء الليل وأطراف النهار . . . ليتنى أستطيع . . . ليتنى ما ضيعت . . .
وفجأه هب مصطفى من نومه وجلس على فراشه وقد غمره العرق وظل مذهولا أكان حلما أم حقيقه .
وقال : سواء حلم أو حقيقه فهو كلام حق ,
ثم هب واقفا وقال : لن أيأس من رحمة الله . , ولن أضيع لحظه لا أذكر فيها الله ,
فأن كان والدى يتمنى أن يعود ليعوض ما فاته , فها أنت يا نفس ما زلت فى الدنيا فأعملى ليوم  تسمعين فيه قرع النعال ولا تخافى .
(هذه قصه من وحى الخيال , فمعاذ الله أن نعلم الأسرار ولكنها للتذكره يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب سليم )
                 تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق