الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

رسائل

عزيزتي ....
أرسلتي لي ذات يوم رسالة عبر بريدي الإلكتروني تسألين فيها عن حالي وصحتي فى عبارات رقيقة منمقة ، ووجدتني سعيده جدا بها لا أدرى لماذا بالرغم من إنها رسالة ضمن العديد من الرسائل التى وصلتني ...
ربما ما رأيته متاوريا خلف كلماتك المنمقة .
نعم لقد سمعت نداءا وكأنه يأتينني من جب عميق يتوسل إلى يستصرخني : أحتاج إليك ....
أحتاج إلى صديقة أشكو إليها أحزاني أفزع إليها فى آلامي .... وهكذا وجدتني مشدودة إليكي إنتظرتك تعيدي الإتصال لكنك لم تفعلي .. ولكن من داخلي شعرت أنكي صديقتي التى أمضيت عمري كله أبحث عنها ....



صديقتي ...
عندما طال إبتعادك عني قلت فى نفسي ربما تريدني أن أبحث عنها أنا ... وبالفعل أرسلت إليكي العديد من الرسائل فأنا لا أعرف عنوانك ولا رقم هاتفك ولا حتى إسمك ، أعرف فقط أنكي قلب يحتاج إلي وأحتاج إليه ... ربما من يسمعني يقول عنى بالتأكيد مجنونة ولا ألومهم فى ذلك فإن كنت أؤمن أنا بحديث القلوب فهذا ليس معناه أنه قانون عام يجب أن يؤمن به الجميع وهذا بالنسبة لي ليس مهما على الإطلاق المهم لدى الآن أننى وجدتك وتحدثتي إلىي وسمعت صوتك لأول مره ووجدته وحيدا حزينا كما توقعته ، سمعته وكأننى سمعته من قبل فلم يكن بغريب عل أذني ، بل الأصح أنه لم يكن غريب على قلبي الذي شعر بكي وسمع صوت مناداتك قبل أن أسمعها أنا وفجأة وجدتني مشدودة إليكي ، إندمجت معكي .. إلتفت شجوني بشجونك حتى أصبحا كيان واحد و وجدتني أعيش ألمك .. جرحك .. وحدتك .. عذابك
فتحتي لي قلبك ونفسك وسمحتي لي أن أتجول بين دروب نفسك لأتلمس بعض من عذاباتك وأنت تقصين لي على إستحياء جزء منها مع تحذير شديد منكي لي ألا أقيم من الشفقة والعطف جدار بيننا
وأقسمت لكي أنني منذ البداية وقبل أن أعلم عنكي أي شئ وأنا مشدودة إليكي لسبب لا أعرفه ... قلبي منجذب إليكي تلبية لنداء قلبك
وسبحان مؤلف القلوب الذى ألف بين قلبينا وجعلني أحبك ...




حبيبتي ....
كم أنتي طيبة القلب فى زمن أصبحت فيه طيبة القلب بله وغباء .
كم أنتي رقيقه فى زمن تمتد فيه يد غليظة تعصر قلوبنا وأنفسنا فتنزف جراحا تمتد من منبتنا إلى ملحدنا .
أحسست أنكي كالعصفور مكسور الجناحين مكسور النفس يبحث لنفسه عن مكان عن حضن عن عش يشعر فيه بالأمان .
طلبت منك أن تمنحيني الفرصه لأحاول مداواة جراحك أن تدخليني عالمك حتى آخذ بيدك لأعرفك على العالم وأجعلك تتحسسين خطاكي لتشيدين لنفسك مكان متغلبة بإرادتك الغريزية التى منحك الله إياها كما منحها لكل البشر .
إستحلفتك بالله ألا تبتعدي عني وتتركيني فريسة للقلق عليكي ، رجوتك أن تنسبينني إلى عالمك الفطري الرقيق الجميل الحزين لعل ربي يوفقني لأكون سببا فى التخفيف عنك ، ودعوت ربي ألا يحرمني منك فقد ملأتي علي حياتي برغم كل عذاباتك وشجونك .....ووعدتني ألا تبتعدي ألا تتواري ألا تتقوقعي فى خندقك وصدقتك
وخاصة عندما أستحلفتني ألا أكون ضمن ممن جرحوكي ..ألا أضيف ألما إلى آلامك .. أن أكون عونا لكي على الأيام ولا أكون مثل سابقي عونا للأيام عليكي .
ولقد وعدتك وعاهدتك وأصبحت أسيرة لكي ولحلم وحيد من خلالك هو أن أراكي سعيدة ..
نصبتكي ملكة وجعلت من نفسي خادم فى بلاطك ليس له عمل ولا أمل سوى إسعادك




مولاتي ....
ولكنك رفضتي كل هذا وإخترتي أن تبتعدي وتتواري وكأنك ترفضين أن يقتحم أحد حياتك
رضيتي بالعذاب وبالوحدة اللذان يلتفا حولك من جميع الجهات وكان لواءك فى ذلك الخوف ...
الخوف من أن أكون ما إلا رسول أتى إليكي محملا بالجديد والأليم من الجراح ....
رأيتكي تسيرين تتعسرين فى خطواتك البطيئة مواليني وكل شئ ظهرك عائدة إلى جبك رافضة لى ولكل شئ ...
صرخت هل أغضبتك فى شئ .. هل جرحتك دون قصد مني .. هل آلمتك دون أن أشعر ..
سألتك ولا من مجيب ..
فقد أغلقتي هاتفك مصفدة فى وجهي أى باب أنفذ منه إليكى ...
لقد أعدت على نفسي حديثي معكي مرات ومرات لعلي أكون قد أخطأت دون أن أشعر ولكن لم أجد جواب .....
ربما خشيتك من تكرار الجراح هو ما دفعك لذلك ، أو ربما أردتي الإنتقام ممن أذوكي في شخصي ، أو ربما وجدت الأن راحتك فى عزلتك ...
أى كان السبب سأنتظرك حبيبتي وملاكي الرقيق الحزين ،الذى أراه جوهرة بيننا لا يعرف من حولك قيمته سأنتظرك مولاتي...............
 

الخميس، 23 ديسمبر 2010

لقاء مع ميت

لقاء مع ميت
شعر مصطفى بضيق شديد فى صدره فقد تكاثرت عليه الهموم والمشاكل وألتف طوق الديون حول رقبته حتى كاد ان يخنقه وأحس أن الأرض ضاقت عليه بما رحبت ,  وعندها تذكر قول رسول الله (ص) : أذا ضاقت بكم الصدور فأذهبوا ألى القبور _ ولذلك قرر الذهاب ألى قبر والده ليزوره .
فتح مصطفى مدفن والده الموحش وقد أخذته رهبة شديده , ربما لأنه أول مره يأتى ألى هذا المكان الموحش بمفرده , أو ربما لجلال الموت وهيبته . . أو ربما لكلاهما معا. . المهم أنه شعر برعده ثسرى فى جسده .
وقف ينظر لقبر والده وربما تهدأ نفسه وتذهب عنه الرعده وقف يتلو الفاتحه فى خشوع  .
وعندما فرغ من تلاوتها عاد ينظر ألى قبر والده وسرح بخياله ليتذكر ذلك الأب الذى كان ذا هيبة ووقار والآن أين هو لقد أصبح تحت كومه من التراب أهذه هى الدنيا ؟
أجل هذه هى الدنيا نعيش فيها نتخبط فى الهموم والمشاكل وندور فى فلكلها كالثور المقيد فى ساقيه لا تعرف من أين أتينا ولا ألى أين نذهب ولا نشعر فيها بطعم لأى شئ . , ثم قال بصوت مسموع : دنيا حقيره .
(وستلمس حقارتها أكثر عندما تسكن القبر مثلى ). . .
آتاه هذا الصوت من خلفه فألتفت أليه سريعا وكاد أن يغشى عليه من هول المفاجأه , فقد كان أمامه يقف والده بشحمه ولحمه . . .
  - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
 مصطفى : أأأأببى ؟
الأب : نعم أبيك ياولدى .
أقترب منه والده وعلى شفتيه أبتسامة حنون وفى عينيه نظره تحمل حنان الدنيا .
أنتفض مصطفى جزعا وتراجع كالمصعوق ألى الوراء .
فقال والده فى هدوء : لا تجزع يا ولدى . . فأنا لن أؤذيك , فقد كنت حنونا رحيما بك وأنا فى الدنيا فكيف لاأكون وأنا الأن فى أمس الحاجه لتلك الرحمه .
بعث صوته الحنون الهدوء والسكينه فى نفس مصطفى , ثم قال لوالده : كيف حالك يا والدى ؟
الوالد : لم أكن أبدا بخير مثلما أنا الأن يا ولدى .
مصطفى : أمعقول أن تكون الحياه فى القبور أجمل من الدنيا .
الوالد : بلى يا ولدى المهم أن تكون قد تزودت من تلك الدنيا لآخرتك ,
ثم أليست هذه الدنيا التى كنت تشتكى منها الآن ؟وكنت تنعتها بالحقاره .
طأ طأ مصطفى رأسه . . .
فأردف الأب : وصدقنى يا ولدى ستشعر بحقارتها أكثر وأنت فى القبر , عندما يضعوك فى القبر ويغلقوا عليك الألواح وأنت تسمع قرع نعالهم وهم يولوا ويتركوك هرولة ألى الدنيا التى تجلس فى قبرك الأن تجنى حصاد ما قدمت يداك فيها وما أشدها من لحظات صعبه يا ولدى يهون معها كل شئ تتمنى أن تفدى نفسك بكل شئ حتى تنجو مما أنت فيه .
أرتعد مصطفى وهو يتخيل نفسه فى هذا الموقف .
ثم قال لوالده : وما ذا حدث لك ياأبى ,.
الوالد : لقد جاء الملكين وجدوا فى سؤالى ولقد كدت أن أهلك لولا أن تجلت رحمة ربى وغمرتنى ففخففت عنى ونجتنى من كربى , أتدرى كيف حدث ذلك يا ولدى ؟
مصطفى ( مأخوذا بما يسمع ) : كيف يا والدى .
لقد أتوا ملائكة العذاب يحملون أوزارى وكم كانت كثيره ,
وظننت أنى هالك لا محاله وأذا بملائكة الرحمه يأتون يحملون أعمالى الصالحه ومن أول وهله ظننت أنها ضئيله ولكنهم عندما وضعوها أمام سيئاتى فرجحت كافة حسناتى , أتدرى ياولدى بما رجحت ؟
مصطفى : بما يا والدى .
الأب : بأشياء نظنها بسيطه وهى عندالله عظيمه ,
      بأبتسامه فى وجه أخيك , بالعطف على يتيم , بكلمة حنان أحتويت بها والدتى عندما تقدمت بها السن , بطاعتى لوالديا , بصلاتى المفروضة على وقتها , بيوم أمهلت فيه معسر , بيوم زلت فيه الأذى عن الطريق , . . , . . . , . . .
وظل الأب يعدد الأشياء البسيطه التى نجته من كرب الآخره حتى وصل فى النهايه فقال : ثم جاءت كلمة لا أله ألا الله فحسمت الموضوع ورجحت موقفى لأنها وزنت ما بين السماوات والأرض فنجا والدك .
أرأيت يا ولدى رحمة ربك كم هى واسعه .
مصطفى : آه يا والدى . . تأخذنا الدنيا بدوامتها وتلهينا وهى لا تستحق .
الوالد : أصبر يا ولدى فأن كانت رحمة الله هكذا فى الآخره . . أليس بقادر أن يرحمك فى الدنيا التى هى أدنى وأحقر . . تأكد يا ولدى أن الله لن يتركك أبدا وسيفرج كربك بأذن الله فهو أرحم الراحمين .
والآن أتركك يا ولدى ولكن لى رجاء قبل أن أمضى لا تنسانى بالدعاء فلعله يصل ما قصرت فيه فأننى أتمنى لو كنت أستطيع العوده ألى الدنيا حتى لايخلو لسانى من ذكر الله لكى أرتقى لأتنعم برفقة الحبيب والنظر ألى وجه ربى الكريم أناء الليل وأطراف النهار . . . ليتنى أستطيع . . . ليتنى ما ضيعت . . .
وفجأه هب مصطفى من نومه وجلس على فراشه وقد غمره العرق وظل مذهولا أكان حلما أم حقيقه .
وقال : سواء حلم أو حقيقه فهو كلام حق ,
ثم هب واقفا وقال : لن أيأس من رحمة الله . , ولن أضيع لحظه لا أذكر فيها الله ,
فأن كان والدى يتمنى أن يعود ليعوض ما فاته , فها أنت يا نفس ما زلت فى الدنيا فأعملى ليوم  تسمعين فيه قرع النعال ولا تخافى .
(هذه قصه من وحى الخيال , فمعاذ الله أن نعلم الأسرار ولكنها للتذكره يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب سليم )
                 تمت